مقام إبراهيم عليه السلام.. قرأنا كلام الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم الحكيم عن قدسية بيته الحرام في مكة. وكان مما قرأنا ما عدده الله من آياتٍ في بيت الله الحرام. هل قرأتم مثلي: "فيه آياتٌ بينات مقام إبراهيم؟"
نعلم حجر إبراهيم ونراه ذاك الحجر الأثري
الذي وقف عليه سيدنا إبراهيم لرفع قواعد الكعبة. أيضًا، وقف سيدنا إبراهيم على هذا
الحجر يوم أذن غي الناس بالحج. وكم تزين الحجر بما تركه سيدنا إبراهيم عليه من أثر
قدميه أثناء وقوفه في المشهدين الرائعين.
مقام إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام
وعلى الرغم من تركيزي على مقام إبراهيم عليه
السلام، لكني أود أن أشيد بإسماعيل عليه السلام. لماذا؟ لأنه كان له نعم الدعم
والسند. أيضًا، لأن إسماعيل صبر مع أبيه صبرًا جميلًا وأطاعه حق الطاعة. فلله در
إبراهيم الأب وإسماعيل الابن البار الكريم!
مقام إبراهيم في الأرض والسماء
إن مقام إبراهيم
عظيم بفضل ثباته وجهاده وصبره وحلمه وسلامة قلبه. إي نعم. كان لسيدنا إبراهيم (صلى
الله عليه وسلم) حسن الذكر والثناء والمقام والمكانة. فيا لعظمة إبراهيم وعظمة
مقامه بعدما قرأنا عنه في مقام الثناء والإشادة! ويا لمقام إبراهيم الذي أفرد له
الإله مكانته وجعله أحد أبرز سمات البيت الحرام! لذلك، أعتقد أننا بحاجة اليوم لأن
نقف ولو دقائق معدودة مع هذا النبي العظيم ونستحضر عظمة مقام إبراهيم في أرض الله
وسمائه.
من هذا المنطلق، أقول “مقام إبراهيم عظيمٌ في
الأرض وفي السماء.” بالنسبة لمقامه الأرض عند
الكعبة
المشرفة، فعلى
الرغم مما يمثله هذا المقام وما يتمتع به من دلالة تاريخية وذكرى إنسانية.
وبالإضافة إلى كونه دليلًا على إخلاص الخليل في حبه لربه ودينه، إلا أن مقامه عند
ربه أبقى وأرقى. وكيف لا وإبراهيم الذي تصدى لعبادة الأصنام وترك أولاده في وادٍ
غير ذي زرعٍ عند بيت الله الحرام؟! ولم لا وإبراهيم هذا الذي أظهر جلدًا وصمودًا
أمام ابتلاء حرقه بالنار وأثبت للقاصي والداني صدق إيمانه؟ لم لا وإبراهيم خليل
الله؟ وكيف لا وإبراهيم صاحب القلب السليم؟
لذلك، هيا نتوقف قليلًا مع مقام إبراهيم في
ضوء قوله تعالى “إن أول بيتٍ وضع للناس للذي ببكة وهدىً للعالمين. فيه آياتٌ بينات
مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنًا.” يا الله! ويا لقامة هذا الرجل. إنه إبراهيم أبو
الأنبياء الذي عده الله ضمن مزايا وقدسية بيته بمكة. وإذا أردنا أن نعلم حجم ذاك
الأثر فلنذكر من وقف عليه وترك أثرًا فيه. فيا لقيمة هذا الحجر وصاحبه. إنها القيمة التي جعلت الله يسميه مقام إبراهيم وأوصانا بالصلاة فيه “واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى.”
مقام إبراهيم من أفعاله وأعماله
على الرغم من مقام النبوة واجتهاد صفوة
الدعاة بالقول إن الله هو من أعد الأنبياء ليكونوا على ما كانوا عليه، أقول لكنهم
كانوا قبل الرسالة أشخاص مميزين بفعلهم وبما كسبت أيديهم. فلم يكن إبراهيم عليه
السلام قائلًا دون فعل. ولم يكن كذلك شخصًا عاديًا كغيره. فمن منا وقف لأهله وتحدى
معتقداتهم الفاسدة؟ أيضًا، من منا حسن طبعه وحسنت خصاله حتى وهو في فترةٍ حالكة من
الظلم والظلمات؟ لله در إبراهيم الذي ثبت على الحق مرات ومرات، وواجه البال مرات
ومرات. تذكرون الملك الظالم الذي جعله إبراهيم يبهت بحجته وحسن تفكيره؟ وهل تذكرون
زوجته هاجر وهي حائرة منه ومن فعله بتركه لها ولابنها الرضيع في ذلك الوادي الخاوي
الخالي من مظاهر العمران وأسباب الحياة؟ لقد كان مؤمنًا قويًا وصادقًا في إيمانه
ومتوكلًا حق التوكل على ربه؟
لذلك، كان مقام إبراهيم عظيمًا في الأرض
والسماء. وكذلك، كان هذا المقام مستحقًا بثباته في أحلك ساعات الابتلاء. وهل يثبت
أينا كما ثبت إبراهيم يوم رأى في المنام أنه يذبح ابنه وعاش الموقف واقعًا؟ تعلمون
أن أمر الذبح كان عظيمًا ومرهقًا لقلب وعقل إبراهيم بشكل دعا إلى صدوره عن طريق
الرؤيا. وها هو إبراهيم العظيم يصبر عند البلاء ويثبت
عن الابتلاء ويصمد صمود الأشداء الأقوياء في كل موقفٍ وأزمة. لقد أوجعت المواقف
والابتلاءات التي تعرض لها إبراهيم قلوب جميع المسلمين. وكذلك أدهش ثباته جميع
الموقنين الثابتين. لله درك يا إبراهيم!
مقام إبراهيم عند الكعبة
ما من شك أننا نعلم أن سيدنا إبراهيم قد رفع
قواعد البيت ووقف على ذاك الحجر لرغبته في أن يعلي البيت أكثر وأكثر. لماذا؟ أما
كان يكفيه أن يجعل بناء البناء البيت عند الحد الذي تطاله يداه؟ لذلك، أعتقد أنه
كان يكفيه حين رفع قواعد البيت أن يعطيه أي قدرٍ من العلو. كذلك، أعتقد أننا لو
كنا في مكانه لأسرعنا في إنجاز الأمر بالقدر المتيسر لنا وقلنا لأنفسنا هذا وسعنا
ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.” وأخيرًا، أعتقد أني لو كنت مكانه لشيدت مترًا على
الأكثر، ولوققت أمام ما بنيت أنظر وأفخر. بل سأغني بعدها وقف الخلق ينظرون كيف
وكيف فعلت ذلك وحدي؟
في النهاية، يجب أن نقر ونعترف. لقد أبدع إبراهيم، عليه السلام، في الصبر والحلم والثبات والإخلاص. أيضًا، أثبت النبي الأواه الحليم، كما وصفه ربه، في كل موقف أنه يلتزم التزامًا تامًا بأوامر الله وتكليفاته بمنتهى الكمال والتمام. لذلك، استحق سيدنا إبراهيم المكافأة. ولم تتوقف المكافأة على البركة في الرزق والولد والزوجة. بل امتد الأمر ليطال ما هو أكثر.
جعله الله إمامًا للعالمين واتخذه خليلًا لنفسه. أضف إلى ذلك أن الحج
نفسه في جل شعائره معلقٌ بمناسبات وذكريات تاريخية تتصل اتصالًا مباشرًا بسيدنا
إبراهيم. بل كان إبراهيم هو أول من أذن في الناس بالحج. فصلاة الله على إبراهيم
وعلى آل إبراهيم في العالمين؛ إنه حميدٌ مجيد. وللحديث بقية مع مقام إبراهيم في
الأرض وفي السماء.
اقرأ لي أيضًا
تعليقات
إرسال تعليق